أخبار عربية وعالمية
أكبر مشروع للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي..ما هو ستارغيت؟
مع تولي دونالد ترامب رسمياً مهام الرئاسة بعد تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، يوم الاثنين، تتجه الأنظار إلى دوره المرتقب في تعزيز صناعة الذكاء الاصطناعي كجزء من استراتيجيته الاقتصادية الشاملة.
وفي ظل المنافسة العالمية الشرسة، يتوقع أن يكون الذكاء الاصطناعي محوراً رئيسياً في جهود الإدارة الجديدة لتعزيز ريادة الولايات المتحدة على الساحة التكنولوجية.
ترامب، المعروف بسياسته الاقتصادية الموجهة نحو دعم الصناعات الوطنية، يسعى إلى توسيع الاستثمار في البحث والتطوير وتشجيع الابتكار المحلي، مع إعادة صياغة الإطار التنظيمي لدعم شركات للذكاء الاصطناعي الناشئة والكبيرة على حد سواء. ومن شأن هذا التحرك المساهمة في إعادة تشكيل مستقبل الاقتصاد الأميركي، ومنحه دفعة جديدة في مواجهة المنافسة الدولية، لا سيما مع الصين.
وفي هذا السياق، ستعمل شركات"أوبن إيه أي" و"أوراكل" و"سوفت بنك" معاً لإنشاء مشروع يسمى ستارغيت؛ وهو المشروع الذي وصفه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بأنه "أكبر مشروع للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في التاريخ" بينما أشاد بدور الولايات المتحدة في قيادة هذا الجهد.
وقال ترامب: "إن عمالقة التكنولوجيا الرائدين في العالم يعلنون معاً عن تشكيل ستارغيت. شركة أميركية جديدة ستستثمر 500 مليار دولار على الأقل في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.. تذكروا هذا الاسم لأنني أعتقد بأنكم ستسمعون الكثير عنه".
وأفاد ترامب بأن المشروع من شأنه أن يخلق أكثر من 100 ألف وظيفة للأميركيين، حيث من المقرر أن يتم الاستثمار على مدى السنوات الأربع المقبلة.
حضر الإعلان في البيت الأبيض الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي سام ألتمان، والمؤسس المشارك لشركة أوراكل لاري إليسون، والرئيس التنفيذي لسوفت بنك ماسايوشي سون.
وقال ألتمان في تصريحاته إنه سعيد بهذا المشروع. وأضاف أنه سيكون "المشروع الأكثر أهمية في هذا العصر". ووصف إليسون في البيت الأبيض مشروع ستارغيت بأنه "برنامج مثير للغاية لشركة أوراكل أن تكون جزءًا منه".
سياسات ترامب
بحسب تقرير لموقع "بيزنس إنسايدر"، فإنه:
- لكي تستمر نماذج الأساس في التحسن تحتاج الشركات التي تستخدمها مثل OpenAI و Anthropic - إلى الكثير من الوقود.
- يأتي هذا الوقود في شكل رقائق وطاقة ومواهب، وتسهم سياسات إدارة ترامب في كل منها في تشكيل مستقبل الحوسبة، مما قد يخلق رابحين وخاسرين على طول الطريق.
- نمو الذكاء الاصطناعي في أميركا ليس مجرد وسيلة لكسب المال، بل إنه بمثابة ورقة جيوسياسية تُلعب ضد لاعب التكنولوجيا العالمي الكبير الآخر: الصين.
وألغى ترامب يوم الاثنين الأمر التنفيذي لإدارة بايدن بشأن الذكاء الاصطناعي اعتباراً من أكتوبر 2023. ودفع الأمر إلى مزيد من الشفافية من الشركات الكبرى التي تعمل على تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي.
وبعد فوزه في الانتخابات الرئاسية للعام 2024، عين ترامب قيصراً جديداً للذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، وهو رجل الأعمال ديفيد ساكس .
- في ولايته الأولى كرئيس، أصدر ترامب أمراً تنفيذياً ركز على قيادة الذكاء الاصطناعي والنهج غير التنظيمي لتوسيعه والحفاظ عليه.
- في الأسابيع الأخيرة من ولايته، نشرت وزارة التجارة في عهد الرئيس جو بايدن قيودًا جديدة وشاملة على تصدير أنواع أشباه الموصلات المطلوبة للذكاء الاصطناعي.
- وكان من المقرر أن تدخل القواعد الجديدة حيز التنفيذ في وقت مبكر من ولاية ترامب الثانية، وهي من شأنها أن تقيد وتضع حدا أقصى لكمية الطاقة الحاسوبية التي يمكن للشركات تجميعها في معظم البلدان خارج قائمة تضم 18 حليفا .
- وإذا استمرت إدارة ترامب في تطبيق هذه التغييرات، فمن المرجح أن يؤدي تأثيرها إلى تركيز مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.
- وفي الأسبوع الماضي، وقع بايدن على أمر تنفيذي لمنح المواقع الفيدرالية لبناء مراكز البيانات و"الطاقة النظيفة".
مشروع ضخم
يشير خبير أسواق المال والعضو المنتدب لشركة آي دي تي للاستشارات والنظم التكنولوجية، المهندس محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن:
- الإعلان عن مشروع استثماري بقيمة 500 مليار دولار يمثل قفزة نوعية كبيرة في تاريخ الذكاء الصناعي.
- هذا المشروع الضخم يعكس رؤية إدارة دونالد ترامب لدعم التكنولوجيا والذكاء الصناعي كواحد من أهم ركائز الاقتصاد الأميركي خلال المرحلة الحالية.
- المشروع الذي يشمل إنشاء مراكز بيانات عملاقة وتطوير البنية التكنولوجية التحتية، سيسهم في تعزيز ريادة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الصناعي، ويمنحها ميزة تنافسية كبيرة على المستوى الدولي، لا سيما في مواجهة اقتصادات مثل الصين.
ويشدد على أن الذكاء الصناعي أصبح محركاً رئيسياً للاقتصاد العالمي، ويمتد تأثيره إلى قطاعات مثل الصناعة والزراعة والخدمات والدفاع والأمن، مما يرفع الإنتاجية ويحسن حياة المواطنين بشكل كبير.
ويوضح سعيد أن هذا النوع من الاستثمار الاستراتيجي لا يقتصر فقط على دعم الاقتصاد الأميركي، بل يسهم أيضاً في خلق فرص عمل جديدة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الصناعي، ويعزز من قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على أمنها القومي وكفاءتها في مختلف القطاعات الاقتصادية.
ويختم حديثه بالتأكيد على أن هذا المشروع يعكس التزام الإدارة الأميركية بتعزيز دور الذكاء الصناعي كعنصر أساسي في المستقبل الاقتصادي للبلاد، ودعمه لتطوير القطاعات الخدمية والإنتاجية على حد سواء، مما يعزز موقع الولايات المتحدة كقوة رائدة في هذا المجال الحيوي.
وبحسب سام ألتمان، في مقابلة مع فوكس نيوز، فإن هذا المشروع "ستارغيت لم يكن ليكون موجوداً بدون ترامب"، مضيفاً: "أعتقد بأنه لو كان هناك رئيس مختلف لما كان ذلك ممكناً.. لكننا سعداء للغاية لأننا تمكنا من القيام بذلك، وأعتقد بأنه سيكون أمراً عظيماً بالنسبة للأميركيين، وللعالم أجمع".
وقال ألتمان في المؤتمر الصحافي الذي أعقب إعلان ترامب يوم الثلاثاء إن بناء الذكاء الاصطناعي العام في الولايات المتحدة من شأنه أن يخلق "مئات الآلاف من الوظائف".
تعزيز الريادة الأميركية
المستشار الأكاديمي بجامعة ولاية سان خوسيه الأميركية، الدكتور أحمد بانافع، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن المشروع الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعد واحداً من أكبر المشاريع التقنية في تاريخ الولايات المتحدة، ويهدف إلى تعزيز ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي. ويتوقع أن يكون للمشروع تأثير عميق على الاقتصاد الأميركي والتقدم التكنولوجي عموماً، وهو شراكه بين openAI, Oracle, Softbank.
ويتحدث بانافع عن أهمية مشروع "ستارغيت" في عددٍ من النقاط الأساسية:
- يسعى المشروع إلى ترسيخ مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى في تطوير الذكاء الاصطناعي، مما يعزز قدرتها التنافسية أمام دول مثل الصين وأوروبا.
- يتضمن المشروع إنشاء مراكز بيانات متطورة قادرة على تحليل ومعالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة وكفاءة. أول مركز بيانات سيُفتتح في ولاية تكساس، ليكون حجر الأساس لبنية تحتية تقنية ضخمة.
- يركز المشروع على تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجالات حيوية مثل الأمن القومي والرعاية الصحية والطاقة والزراعة المستدامة.
- من المتوقع أن يولد المشروع أكثر من 100,000 وظيفة جديدة في مجالات التكنولوجيا والبرمجة والبحث العلمي، مما يسهم في تعزيز سوق العمل الأميركي.
لماذا يُعتبر الاستثمار في الذكاء الاصطناعي ضرورياً؟
وبشكل عام، يشير خبير التكنولوجيا إلى أهمية التوسع في الاستثمارات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي بشكل عام، ذلك أن:
- الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يفتح أبواباً جديدة للنمو الاقتصادي، حيث يمكّن الدول من قيادة أسواق التكنولوجيا العالمية.
- الذكاء الاصطناعي يُحفز اختراع تقنيات حديثة ويطور أدوات مبتكرة لتحسين الحياة اليومية.
- تعتمد الشركات بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لتحسين العمليات وتقليل التكاليف، مما يجعلها أكثر كفاءة وربحية.
- تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في التصدي لقضايا معقدة مثل التغير المناخي والأمن السيبراني.
تحديات يجب معالجتها
ورغم الفوائد الكبيرة المتوقعة، يواجه المشروع تحديات تتطلب حلولاً دقيقة، يشرحها بانافع على النحو التالي:
- ضرورة وضع قوانين تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل يضمن حماية البيانات والعدالة.
- ضرورة إيجاد حلول تقلل من استهلاك الطاقة الهائل المرتبط بتشغيل تقنيات الذكاء الاصطناعي.
- ضرورة التركيز على تدريب الأفراد لتلبية احتياجات سوق العمل الجديد.
وبالعودة لتقرير "بيزنس إنسايدر"، فإنه يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى الرقائق، ولكن ضمان إمداد وفير منها لا معنى له دون وجود طاقة كافية لتشغيل مراكز البيانات. ولأن رقائق الذكاء الاصطناعي تتطلب طاقة أكبر من رقائق الكمبيوتر التقليدية، فإن الطاقة هي العامل المحدد الأكثر أهمية لنمو الصناعة.
وقال الرئيس ترامب يوم الثلاثاء "يتعين عليهم إنتاج قدر كبير من الكهرباء، وسنعمل على تمكينهم من إنجاز هذا الإنتاج بسهولة، في مصانعهم الخاصة إذا أرادوا ذلك".
تختلف آراء ترامب بشأن إنتاج الطاقة وأزمة المناخ بشكل كبير عن آراء بايدن. فقد ركز الرئيس الأميركي الجديد منذ فترة طويلة على استمرار الزعامة الأميركية في إنتاج الوقود الأحفوري.
ويمثل مشروع "ستارغيت" خطوة جريئة نحو تعزيز مكانة الولايات المتحدة في عالم الذكاء الاصطناعي، مع توفير فرص عمل ضخمة وتحفيز الابتكار. كما أن افتتاح أول مركز بيانات في تكساس يعكس بداية حقبة جديدة من الاستثمارات التقنية، ما يجعل هذا المشروع جزءاً لا يتجزأ من مستقبل الاقتصاد الأميركي.