القوات المسلحة الجنوبية بين الإنجاز والاستهداف

الجنوب بوست/خاص

كتب/ د. أمين العلياني:

 

يتعرض الجنوب، كمشروع سياسي يعبر عن تطلعات شعبه بإرادة شعبية وقوات امسلحة واأمنية صارت صمام أمان المشروع التحرري ذاته، لهجوم منهجي ومتصاعد بدوافع إرهابية وهجمات منظَّمة. تهدف هذه الهجمات الإرهابية إلى تعطيل إرادة الشعب التوَّاقة إلى التحرير والاستقلال، وكسر المسار النضالي الذي يسير عليه هذا الشعب العربي الجنوبي من أجل استعادة دولته، كما تحاول زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي والمصالح الدولية في المنطقة عبر محاولات عدة، منها:

· تصدير الإرهاب إلى الجنوب: من قبل القوى السياسية اليمنية وأحزابها التي تحتضن تلك التنظيمات الإرهابية، بهدف تشويه نضال الجنوب وعدالة قضيته وإرادة شعبيته، ولتصوير الجنوب للمجتمعين الدولي والإقليمي على أنه حاضن للإرهاب والتهريب والفوضى.

· استهداف المشروع السياسي الجنوبي: من خلال تلك الأعمال الإرهابية، بهدف التأثير على خياراته المشروعة في استعادة دولته المستقلة وهويتة الجنوبية كاملة السيادة، والإضرار ببنية مستقبله الجديد المتحالف مع التحالف العربي والمجتمع الدولي.

· خلق وعي مضلِّل: يدور حول أن حصول الجنوب على حقه في تقرير المصير سيفتح الطريق أمام الفوضى والتطرف. وهي سردية تحاول المليشيات الحوثية والإخوانية الترويج لها في الأروقة الإقليمية والدولية، ولن تفلح في ذلك ولن تتحقق لها فرصة بعد اليوم.

 

وتحاول قوى الاحتلال الشمالي، عبر هذه السرديات، خلق وعي زائف ضد إحقاق حق الدولة الجنوبية في استقلالها الناجز، والذي سيكون الاعتراف به – في نظرهم – تهديدًا للإقليم والمنطقة. لكن الجنوب، بقيادته الحكيمة وشعبه العظبم وقواته الباسلة، بات اليوم يمثل مصدرًا قويًّا وأمينًا لحماية المصالح الدولية والإقليمية، بل وسيكون سدًّا منيعًا أمام التنظيمات الإرهابية بمختلف توجهاتها (القاعدة، الحوثي، الاخوان). لأن دعم الجنوب وحمايته من قبل المجتمعين الدولي والإقليمي سيجعله شريكًا فاعلاً وقويًّا في حماية المصالح وفي استقرار المنطقة بأكملها.

 

وفي السياق ذاته، فإن التهديدات التي تحاول القوى اليمنية التقليدية بالشمال اليمني وأحزابهم السياسية (الكرتونية) ومجالسهم المنتهية الصلاحية والفاسدة، لن تنال من عزيمة شعب يرتكز زعيمه ورئيسه على إرادة شعبية، ويستمد قوة تمثيله من عدالة قضيته التي تُعَد مفتاح الحل؛ فلا حل عادل إلا بحل الدولتين.

 

وما يتعرض له الجنوب اليوم ليس حوادث متفرقة، بل نمطًا متكررًا من الاعتداءات الإرهابية المنسقة التي ترعاها قوى داخل ما يُسمى بالشرعية الهاربة وأحزابها الكرتونية. والأعمال التي تستهدف قيادتنا وقواتنا المسلحة لم تعد تقتصر على المتفجرات والعبوات الناسفة التقليدية، بل صارت تستخدم الطائرات المسيَّرة المفخخة، مما يعكس تطورًا خطيرًا ونوعيًّا في أدوات الحرب الإرهابية المستخدمة ضد جنوبنا وقواتنا في أكثر من محافظة. ونحن على يقين أن المعركة في هذا الشأن سوف تزداد، لكن صلابة قواتنا وإرادتها وبسالة أبطالها سوف تلقن المعتدين درسًا قاسيًا، وتتسبب لهم في هزائم مُذِلَّة وخسائر فادحة.

والهدف الحقيقي من هذه الهجمات الإرهابية هو أنها جزء من حرب استنزاف ممنهجة، تحاول النيل من أمن واستقرار جنوبنا العربي، واستنزاف القوات الجنوبية المسلحة وتشتيت جهودها، لتسهيل خلق الفوضى وانتشارها من جهة ومحاولة تصدير الجنوب لا يثق به وقيادته وسعبه أنهم أن ينالوا استقلالًا وأرضهم حاضة للإرهاب من جهة أخرى.

 

والسؤال الأهم: لماذا اتخذت تلك المليشيات الإرهابية من (أبين، شبوة، حضرموت) مسرحًا لعملياتها؟ وذلك لإثبات قدرتها على زعزعة استقرار تلك المناطق، ومحاولة تأكيد انتشارها على تلك الجغرافيا المستهدفة.ليتخءوا من ثرواتها مصدرًا لتنظبماتها، لكن قواتنا الجنوبية، بفضل القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس عيدروس الزبيدي، وعى لتلك الخطط وعمل عبر مسرح عملياتي محكم، فأحبط تلك المخططات وأسقط مشاريعهم التدميرية من محافظة عدن فلحج وأبين ومن ثم ارخبيل سقطرى وشبوة حتى كانت صحراء ووادي حضرموت آخر معاقلها التي ألقت قصة عليها وجعلها منتهية والى مزبلة التاريخ.

 

وفي سياق تحليل طبيعة هذه القوى الإرهابية المدعومة من شرعية الإخوان والمليشيات الحوثية، نجد أنها ترتكز على ثلاثي إرهابي (الحوثي، القاعدة، الإخوان). فهذا الثلاثي يمثل اليوم منظومة تهديد واحدة بأدوات متعددة، ويتوافق محليًّايمنيًا شماليًا وبعض الدول التي. تتعاطى معهم. ويتجلى التنسيق في أعمالها الإرهابية من خلال تبادل الأدوار والقدرات بين هذه الأطراف، وليس مجرد تلاقٍ ظرفي. والدليل القاطع هو امتلاكها للسلاح المسيَّر الإيراني كقاسم مشترك في الهجمات الأخيرة، بالإضافة إلى أن أي قوة تفشل مشاريعها أو تقطع خطوط إمدادها تكون مستهدفة في قائمة أهداف هذا الثلاثي الإرهابي.

 

وعند تحليل أواصر الترابط بين هذا الثلاثي الإرهابي، نجد أنه يظهر نشاطه عند أي تقدم جنوبي، ليعرقل الإرادة الشعبية الجنوبية ويهاجمها ويتهمها بالعمالة لإسرائيل من جهة، وللإمارات والسعودية ويصفون القيادات والقوات (بالمرتزقة) من جهة أخرى. ومن تلك المظاهر ربط توقيت التصعيد الإرهابي بالنجاحات الميدانية للقوات الجنوبية، في محاولة لتشويهها وتقويض جنوبيتها.

 

ويخلص التحليل إلى أن هذا الثلاثي الإرهابي يستخدم هجماته وتحريضاته كأداة سياسية ممولة، تسعى إلى إجهاض أي إنجازات أو مكتسبات جنوبية تسعى إلى حق تقرير المصير. وهناك أدلة كثيرة تثبت تورطها في استهداف القوات الجنوبية استهدافًا مباشرًا، لمحاولة كسر خيار شعب الجنوب في الحرية والاستقلال.

 

والباحث المتعمق يرى أن بعض الأطراف تستخدم ورقة الإرهاب وتسويقه كبديل عن فشلها السياسي والعسكري في مواجهة الحوثي من جهة، ومحاربة الانتقالي من جهة أخرى

 

وخلاصة التحليل أن الجهات الرسمية التي تمول هذا الثلاثي الإرهابي تتحمل المسؤولية المباشرة وغير المباشرة. فـ:

أي طرف سياسي أو جهة تعيق حق الجنوب وإرادة شعبه في تقرير المصير، فإنها توفر غطاءً موضوعيًّا للإرهاب بالدعم المادي واللوجستي والعسكري.

· أي حزب أو طرف سياسي في الشرعية يتجاهل هذه الهجمات أو يبررها، يسهم في تمدد العنف بالمنطقة ويكون داعمًا أساسيًّا للإرهاب، ولا شك في ذلك.

 

ومن هنا، يجب على المجتمعين الدولي والإقليمي، وحتى القوى الوطنية في اليمن الشمالي، أن يدركوا معادلة منطقية مهمة، تتمثل في أن دعم حق الجنوب يساوي دعم الاستقرار، وأن أي عرقلة لهذا الحق تساوي خدمة الإرهاب ومساندته.

 

وبتحليل القوة الفاعلة المواجهة لهذا الثلاثي الإرهابي (الإخواني، الحوثي، والقاعدي)، نجد بالتأكيد أنها القوات الجنوبية المسلحة، التي لها شواهد كثيرة وإنجازات كبيرة في هذا المجال، من خلال:

 

· كون الجنوب خط الدفاع الأول ضد الإرهاب في هذه الجغرافيا الحساسة، والحليف الصادق للتحالف.

· قيام مشروع الدولة الجنوبية على أساسي الأمن ومكافحة التطرف وحماية المدنيين.

· نجاح العمليات التي نفذتها القوات الأمنية الجنوبية في قطع شرايين تهريب السلاح وإمداداته للمليشيات الحوثية والمتطرفة.

· مما يستدعي الاعتراف الدولي والإقليمي بأن القوات الجنوبية مثلت وتُمثِّل شريكًا موثوقًا في مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، ومكافحة التهريب والقرصنة.