صحيفة عربية .. أردوغان وجه آخر للإرهاب بشرعية سياسية

الجنوب بوست/صحيفة العرب

طرابلس- دفع إصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على إرسال قوات عسكرية من بلاده لدعم الميليشيات المتمركزة في العاصمة طرابلس في معركتها مع الجيش الوطني الليبي، الى إعادة فتح ملف "أردوغان الإرهابي" في دعمه على مدار سنوات للتنظيمات المتطرفة.

وذكرت أربعة مصادر تركية لوكالة رويترز أن تركيا تدرس إرسال مقاتلين سوريين متحالفين معها إلى ليبيا في إطار دعمها العسكري المزمع لحكومة طرابلس التي تحوطها المشكلات، وأضاف مصدر أن أنقرة تميل للفكرة.

وكان أردوغان قال الأسبوع الماضي إن حكومته سترسل قوات إلى ليبيا بعدما طلب رئيس حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا فائز السراج الدعم. وتتصدى الحكومة لهجوم تشنه قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة  المشيرخليفة حفتر.

ولا يخفي الرئيس التركي موقفه المعلن من دعم التنظيمات الإرهابية، الى درجة يعتبر فيها أميرا على الإرهاب والإرهابيين من خلال دعمه وفتح الحدود السورية لهم تسهيلا لتحركاتهم.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يراقب الحرب من مقره في بريطانيا، نقلا عن مصادر إن 300 مقاتل سوري موالين لتركيا نقلوا إلى ليبيا وإن آخرين يتدربون في معسكرات تركية.

وسبق وان كشفت وثائق وتسجيلات عن العلاقة التي ربطت تنظيم داعش بالمخابرات التركية تحت إشراف أردوغان بحكم المصالح المتبادلة بينهم عبر تسويق النفط وتزويد التنظيم الإرهابي بالسلاح من تركيا أبان سيطرته على مدن في العراق وسوريا.

وفسر مراقب سياسي سوري موقف أردوغان الداعم لتنظيم داعش آنذاك بأن الرئيس التركي على استعداد لارتكاب أية حماقات تبقيه في الحكم، شاهد العالم مثالا على ذلك داخل تركيا، وخارجها.

 

نوري محمود: أردوغان سلطان عثماني جديد ويريد أن يحكم المنطقة

وداعش ليس سوى تنظيم واحد من مجموعة التنظيمات الإرهابية التي رعتها تركيا الاردوغانية عبر سنوات الحرب السورية.

ويعاد ملف علاقة أردوغان بداعش في العراق وسوريا إلى ليبيا اليوم بعد قيام تركيا بإرسال مجموعات مسلحة من سوريا وتركيا الى طرابلس، قبل ان ترسل قوات عسكرية تركية تحت بند الاتفاقية التي وقعها أردوغان مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، للحيلولة دون هزيمة الميليشيات الإسلامية المتطرفة الداعمة لحكومة السراج.

ويرى أردوغان في الميليشيات الليبية المسيطرة على طرابلس جزء من أمن "تركيا الإقليمي" لكنه في الواقع يقصد سطوته على التنظيمات المرتبطة بأحزاب الاسلام السياسي والتنظيم الدولي للاخوان المسلمين.

ويدعم أردوغان الذي يقف على رأس حزب العدالة والتنمية الحاكم التنظيمات الاخوانية ويرى فيها الحل لقيادة الدول العربية والإسلامية، إلا أن دبلوماسيين غربيين يرون أن موقف أردوغان هذا لا يختلف عن بن لادن، بل يعتبرونه  اخطر لأنه يسخر الشرعية السياسية لممارسة الإرهاب.

ويذكر الدبلوماسيون بما قامت به حكومة أردوغان بالسماح لجرحي الجماعات الإرهابية بتلقي العلاج في تركيا بتوجيه مباشر من أردوغان نفسه.

ويرى الدبلوماسيون أن إرسال تركيا مجاميع إرهابية تحت مسوغ الدفاع عن حكومة السراج سيفتح باب الجحيم من جديد على أوروبا، معتبرين أن موقف أردوغان المتصاعد في التدخل بليبيا يهدد الأوروبيين بتصدير الإرهاب، ويفتح بابا أخر لاستمرار ابتزاز اوروربا من قبل تركيا في ملف لم يقفل بعد.

ويفسر مراقبون ذلك أن تركيا قامت بتأسيس ميليشيا إرهابية على غرار تلك الميليشيات التي قامت بالزج بها في الحرب السورية لكنها تقوم هذه المرة علنا، من غير أن تحتاج إلى غطاء إقليمي أو دولي.

ويؤكد موقف تركيا من التدخل في الإحداث الليبية صواب النظرية التي تفيد بأن التنظيمات الارهابية التي قاتلت في سوريا والعراق وفي مقدمتها تنظيم داعش هي من اختراع أجهزة المخابرات التركية مدعومة بخبرة أجهزة المخابرات الغربية والمال القطري.

وتؤكد التقارير الأمنية العربية والغربية أن تركيا برئاسة أردوغان لم تتوقف عن دعم وتمويل التنظيمات الإرهابية المختلفة الناشطة  في سوريا والعراق ، وعن تسهيل مرور عشرات الآلاف من الإرهابيين إلى الأراضي السورية والعراقية ، بعد أن تحولت المدن والبلدات التركية ولا سيما القريبة من الحدود إلى ملاذ آمن للإرهابيين القادمين من شتى بقاع الأرض.

وقال الكاتب السياسي فاروق يوسف "لقد تحفظت تركيا على أولئك المجرمين الهاربين من الموت بعد هزيمتهم في معسكرات مغلقة وها هي تعيد اليوم تصديرهم إلى مكان، سيكون وجودهم فيه موضع ترحيب غربي صامت".

وقال يوسف في تحليل عن دوافع أردوغان إرسال المسلحين إلى ليبيا "كعادته فإن أردوغان باع أولئك الإرهابيين وقبض الثمن. وهو ما يناسب موقفه الاخواني القاضي بدعم الفوضى والعمل على استمرارها في العالم العربي".

ويقول دبلوماسيون غربيون إن حالة التساهل التي تبديها واشنطن وباقي الشركاء الأوروبيون حيال تصرفات اردوغان وسياساته تجعله يتمادى إلى حد ممارسة الابتزاز العلني من خلال تأييد مشاريعه التوسعية في شمال شرق سوريا وليبيا.

ويقول محللون إن النبرة الخشنة التي اتبعتها أنقرة، تشكل إحراجا كبيرا للولايات المتحدة وللقوى الأوروبية، ويدرك الطرفان أن الخضوع للابتزاز التركي سيكون مكلفا ليس فقط لجهة أن ذلك سيعني عدم القدرة مستقبلا على ردع أنقرة، بل وأيضا هي رسالة سلبية للعالم عن تآكل هيبة الدول الكبرى.

وحذر نوري محمود، المتحدث باسم وحدات حماية الشعب السورية من أن "أردوغان يريد أن يحكم المنطقة وأن عفرين لن تكون آخر حدوده إذا لم يتم التصدي له".

وسخر محمود من تصريح سابق لاردوغان لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن أنقرة ليس لديها أطماع في سوريا، وقال "أردوغان سلطان عثماني جديد ويريد أن يحكم المنطقة.. وهو بالطبع لن يكتفي بعفرين ولن تكون آخر حدوده إذا لم يتم التصدي له".

وأضاف “إنه يستغل موقع بلاده ومركزها بالمنطقة ويقدم تنازلات لروسيا والدول الأوروبية مقابل صمتها على غزوه لعفرين وما يقوم به جيشه ومقاتلوه من انتهاكات”.

وبحسب الأوساط العسكرية الليبية ، والدوائر الإستخبارتية العربية والغربية ، فإن تركيا استخدمت طائرتها المتجهة إلى ليبيا لنقل الذخائر والمعدات الحربية والإرهابيين الذين قاتلوا في سوريا والعراق للإلتحاق بالتنظيمات والميليشيات المُسلحة الموالية لجماعة الإخوان التي دفعت بالأوضاع نحو الفوضى التي جعلت ليبيا تقترب كثيرا من الصوملة.