ارتباط حكومة دياب بحزب الله يكرّس عزلة لبنان
تشير التوقعات الحالية إلى أن دول الخليج لن تدعم حكومة حسان دياب الجديدة لارتباطها بشكل مباشر بحزب الله، وهو الموقف ذاته الذي اتخذته الإدارة الأميركية مما يجعل مهمة دياب تكاد تكون مستحيلة للخروج من أسوأ أزمة مالية تواجه البلاد وسط تواصل انهيار العملة المحلية.
ودأبت دول الخليج العربية على تمويل الاقتصاد اللبناني الهش منذ فترة طويلة، غير أن تصاعد نفوذ ذراع إيران العسكري في لبنان سيحول دون ذلك.
ورغم تأكيد رئيس الوزراء حسان دياب، الذي بدأت حكومته عملها الأسبوع الماضي بدعم من جماعة حزب الله الشيعية وشركائها، إن أولى رحلاته الخارجية ستكون لمنطقة الخليج، لم توجه أي من دول الخليج العربي دعوات علنية إلى دياب لزيارتها.
ولم تعلق أي من الدول المتحالفة مع واشنطن حتى الآن رسميا على الحكومة الجديدة التي تشكلت بعد خلافات دامت أسابيع.
وفي هذا السياق، يرى الكاتب اللبناني خيرالله خيرالله أن حزب الله شكّل حكومة مستقلّين من دون مستقلين من أجل تكريس دوره اللبناني.
وأضاف خيرالله "يعني هذا الدور، بين ما يعنيه، أنّ لبنان تابع لإيران من جهة، وأنّ هناك عودة لدور ما للنظام السوري عبر شخصيات مثل جميل السيّد وغيره من جهة أخرى".
وشدد الكاتب اللبناني أنه لا يمكن تجاهل دور جميل السيّد، المدير السابق للأمن العام، في تشكيل الحكومة، وهو ما التقطه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وأشار إليه بأسلوب جمع بين الألمعية والظرافة.
ارتباط حكومة دياب بحزب بالله يحكم على الحكومة الجديدة بالفشل، وسط أزمة مالية خانقة.
وعلى الصعيد ذاته، قال أحمد الجار الله رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية الأسبوع الماضي في مقال عن دياب "هذه الدول تقول له من الآن إنه غير مرحب به".
وأضاف "فهي لن تقبل ببعث الروح في الأفعى المسماة “حزب الله”، ولن تخضع لابتزازه تحت عنوان مساعدة الشعب اللبناني".
وردد رجل الأعمال الإماراتي البارز خلف أحمد الحبتور النغمة نفسها على تويتر، حيث تنبأ بعدم تقديم أي مساعدات "ما دام لبنان في قبضة حزب الله وحركة أمل، وما دامت شوارعه وجامعاته معرضاً لصور مجرمي الحرس الثوري الإيراني وشعارات ملالي إيران".
وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي الإماراتي عبد الخالق عبد الله إن على بيروت أن تطلب من مسانديها في إيران المساعدة في حل مشاكلها الاقتصادية.
ووجه حديثه في تغريدة على تويتر للبنانيين قائلا إن عليهم مطالبة "حزب إيران في لبنان وطهران" بمساعدتهم. وأضاف أن أبواب العواصم الخليجية لا تزال مغلقة.
وقال مراقبون إن ارتباط حكومة دياب بحزب بالله، قد حكم على الحكومة الجديدة بالفشل حتى قبل بداية مشوارها، مشيرين إلى أن عزوف دول الخليج العربي عن تقديم مساعدات إلى لبنان سيزيد من مأساوية الوضع في البلاد وستخسر بذلك لبنان حلفاء خليجيون على درجة بالغة من الأهمية.
كما رجحت مصادر خليجية أن السعودية والإمارات لن تتدخلا لمساعدة لبنان المثقل بالديون بسبب نفوذ حزب الله، وكان لبنان قد ظل بلا حكومة فاعلة منذ الاحتجاجات التي دفعت رئيس الوزراء السابق سعد الحريري للاستقالة في أكتوبر الماضي.
وأضافت المصادر ذاتها أنه ما دام لبنان في قبضة حزب الله وحركة أمل، لن تقدم دول الخليج العربي أي دعم يذكر للحكومة الجديدة حتى ولو كان معنويا.
ويتناغم موقف دول الخليج العربي مع موقف الولايات المتحدة الأميركية، حيث قالت مصادر دبلوماسية إن موقف إدارة الرئيس دونالد ترامب لم يكن سلبيا بشكل كامل من الحكومة اللبنانية الجديدة، وإنها اكتفت بوضع حسان دياب أمام مسؤولياته، بإثبات أن حكومته ليست تابعة لحزب الله.
وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر إن بلاده “ستتابع عن كثب إن كانت الحكومة الجديدة ملتزمة بمحاربة الفساد وإخراج لبنان من أزمته المالية”.
ويعتقد خبراء في الشؤون الإيرانية أن واشنطن تسعى حاليا إلى استطلاع ما يخطط له حزب الله من خلال الحكومة الجديدة، في ضوء معلومات عن حالة ارتباك يعاني منها الحزب منذ اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في بغداد.
ويعاني حزب الله من أزمة مالية لم يعد بإمكانه المكابرة في إخفائها، كما أنه شديد الارتباك جراء الحراك الشعبي المندلع منذ أكثر من مئة يوم.