يتخفون خلف المشاريع الإنسانية ...ضباط استخبارات أتراك في مأرب وشبوة
عدن - قالت مصادر سياسية يمنية إن الدور التركي في اليمن شهد تصاعدا لافتا خلال الآونة الأخيرة، في أعقاب التقارب بين أنقرة وطهران وبروز خلافات بين تركيا والسعودية على خلفية الاستثمار التركي في قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
ولفتت المصادر إلى بروز العديد من المؤشرات على رغبة أنقرة في استخدام الملف اليمني لابتزاز دول التحالف، ولعب دور مشابه لما تقوم به في كل من سوريا ولبيبا عبر الجماعات الإسلامية المتشددة مثل جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة.
وأشارت المصادر إلى دخول تركيا الساحة اليمنية في إطار التحالف غير المعلن بين إيران وقطر وتيار نافذ داخل سلطنة عمان، مستغلة نفوذها المتزايد في فرع التنظيم الدولي للإخوان في اليمن الذي يمثله حزب الإصلاح المسيطر على مفاصل الحكومة الشرعية في اليمن.
ووفقا لمصادر حصلت عليها “العرب” فقد أرسلت تركيا العشرات من ضباط الاستخبارات تحت لافتة ”هيئة الإغاثة الإنسانية” التركية ووصل بعضهم إلى مأرب وشبوة عن طريق منفذ “شحن” الحدودي في محافظة المهرة بعد أن حصلوا على تسهيلات من وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري ومحافظ المهرة السابق راجح باكريت.
وتشير المعلومات إلى أن الزيارات التي يقوم بها الضباط الأتراك لبعض المحافظات المحررة التي يهيمن عليها إخوان اليمن، تتناغم مع تصريحات أطلقها بعض المسؤولين في “الشرعية” الموالين لقطر، والذين عبّروا صراحة عن انحيازهم لصالح إنشاء تحالف جديد في اليمن مناهض للتحالف العربي بقيادة السعودية، والتلويح بتمكين أنقرة من بعض القطاعات الاقتصادية الحيوية مثل الموانئ والمطارات والنفط والغاز.
ويؤكد الصحافي والباحث اليمني فخر العزب على وجود تشابه إلى حد كبير بين الدور التركي في اليمن والدور الذي تلعبه أنقرة في ليبيا أو سوريا، وهو دور ينطلق من مصالح تركيا التي تعيش على وهم استعادة الإمبراطورية العثمانية التي احتلت الكثير من البلدان العربية بما فيها اليمن.
ويضيف العزب “هذا الدور لا يقوم على التدخل المباشر، على الأقل في حالة اليمن، وإنما عبر أدوات المشروع التركي المتمثلة بالجماعات الإرهابية من جبهة النصرة مرورا بداعش والقاعدة وليس انتهاء بجماعة الإخوان المسلمين”.
وينوه العزب في تصريح لـ”العرب” إلى أن “الدور التركي في اليمن هو جزء من مشروع معاد لليمنيين، يقوم على الاصطفاف في خندق المشروع الذي يهدف لإفشال دور التحالف العربي في اليمن، وهذا المشروع المعادي يرتكز على دول حاملة له بشكل رئيسي هي إيران وتركيا وقطر وتيار داخل سلطنة عمان يرتبط نفوذه بإدامة التوتر، أما أدواته في الداخل فهي جماعة الحوثيين وجماعة الإخوان المسلمين”.
ويقول العزب بأنه بات معروفا لدى الجميع بأن “تركيا لعبت دورا سلبيا ضد اليمن من خلال استضافتها ورعايتها للقاء بين ممثلين عن النظام الإيراني وجماعة الإخوان وخرج اللقاء بالاتفاق على توحيد الجهود لاستهداف السعودية والتحالف العربي في الساحة اليمنية”.
ولاحظ “أننا اليوم نعيش نتائج الدور التركي على الأرض من خلال التفاهمات والاتفاقيات المبرمة بين الحوثيين والإخوان والتي تم بموجبها تسليم نهم والجوف وربما غدا يتم تسليم تعز ومأرب، وكل هذا يستدعي وجود كتلة وطنية لمواجهة المشاريع الإقليمية في اليمن وفي مقدمتها المشروع الإيراني والتركي”.
وتؤكد معلومات حصلت عليها “العرب” وجود رهانات تركية على الوصول إلى اليمن عن طريق السواحل الممتدة على بحر العرب في محافظة شبوة الغنية بالنفط والغاز، وتحويلها إلى منطقة للتدخل التركي في حال شهدت العلاقات بين الإخوان والتحالف العربي المزيد من التدهور في سيناريو شبيه بالتدخل التركي في ليبيا عن طريق العاصمة طرابلس.
ويعتبر مراقبون أن محاولة تركيا وضع قدم لها على السواحل اليمنية يأتي استكمالا لمشروعها التوسعي في المنطقة وبالقرب من المضائق والممرات الحيوية في البحر الأحمر، والذي بدأته بتركيز وجودها في الصومال ومحاولتها الاستحواذ على جزيرة سواكن السودانية، وصولا إلى مساعيها للتواجد في محافظتي تعز وشبوة اليمنيتين للاقتراب من باب المندب وبحر العرب.
ويشير الباحث السياسي اليمني، ورئيس مركز فنار لبحوث السياسات، عزت مصطفى إلى أن بصمات أنقرة باتت واضحة في محاولات إشعال التوتر في محافظة المهرة جنوب شرق البلاد على ساحل بحر العرب عبر عمليات تخريب تديرها عناصر يمنية مقيمة في إسطنبول، إضافة إلى محاولاتها تحريك اضطرابات في جزيرة سقطرى وتحريضها على قوات التحالف العربي هناك والقوات الجنوبية التي تحمي الجزيرة.
وترتبط أجندة تركيا في اليمن بسلوكها العسكري في الصومال في العقد الأخير ومحاولتها إشعال أكثر من نزاع في المنطقة انطلاقًا من مقديشو.
ويلفت مصطفى إلى أن “حصول تركيا على امتياز التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية الصومالية سيمتد لفرض أمر واقع على مناطق خارج الحدود الصومالية مثل اليمن وكينيا، إذ تسعى لتحريض الصومال للادعاء بسيادتها على جزيرة سقطرى لتبدأ معها ذرائع أنقرة بالتدخل العسكري انطلاقًا من القاعدة العسكرية التركية في الصومال”.
وافتتحت القاعدة في سبتمبر 2017 مع توفير غطاء سياسي ودبلوماسي تركي لحكومة مقديشو. وبدأت أنقرة استثمار أجندتها في الصومال من خلال نوايا بدء التنقيب عن النفط في مياه متنازع عليها بين الصومال وكينيا بناء على الاتفاق بين أنقرة ومقديشو، والذي يبدو أنه سيتخطى أن يكون مشكلة حدودية صومالية كينية ليكون مشكلة صراع تركي كيني من جهة وتركي يمني من جهة أخرى.
ويحذر رئيس مركز فنار في تصريح لـ”العرب” من تكرار النموذج التركي في اليمن على غرار ما حدث في الصومال وليبيا حيث “تنازلت حكومة الصومال عن سيادتها وثروتها النفطية لصالح تركيا مقابل حماية النافذين الصوماليين في مقديشو، وهو ما فعلته أيضًا حكومة فائز السراج في ليبيا بالتنازل عن مياهها الإقليمية وثروتها الغازية لصالح تركيا مقابل حمايتها وتسليحها”.
وقال “يبدو أن إخوان اليمن يعملون جاهدين للتنازل عن السيادة على سقطرى للصومال التي تنازلت بدورها عن سيادتها لتركيا في ظل المؤشرات على اهتمام أنقرة بتوسيع نفوذها البحري شمال اليمن مبكرا رغم تباطؤ تحقيق هدفها نتيجة تدخل التحالف العربي وتواجده العسكري في اليمن الذي أعاق المشروع التركي هناك”.
وكان بدأ بالفعل مخطط التخريب في اليمن عبر الإخوان المسلمين عبر إرسال شحنات ضخمة من المسدسات التركية كاتمة الصوت. وقد قبض على شحنتين منها في ميناء عدن قادمة من تركيا وكانت مموّهة على أنها شحنة بسكويت.