خالد الزعتر يكتب ..الملف اليمني، وعرقلة اتفاق الرياض
كان من أهم بنود إتفاق الرياض الذي جرى التوقيع عليه في مدينة جدة برعاية سعودية مابين المجلس الانتقالي الجنوبي ، والحكومة الشرعية اليمنية ، هو تشكيل حكومة كفاءات سياسية لا تتعدى 24 وزيرا يعين الرئيس أعضاءها بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية على أن تكون الحقائب الوزارية مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية وذلك خلال مدة لا تتجاوز ثلاثون يوما من توقيع هذا الاتفاق ، وهي خطوة بلا شك تقود إلى إرساء قواعد الشراكة والعمل على قطع الطريق أمام إعادة إنتاج السياسيات الإقصائية والتهميشية تجاه أحد أهم المكونات اليمنية وهو المكون الجنوبي .
كما أن هذه الخطوة التي تعمل على إرساء قواعد الشراكة وقطع الطريق أمام من يحاول إعادة إنتاج السياسات القديمة السائدة في عهد علي عبدالله صالح والقائمة على تهميش المكون الجنوبي من شأنها أن تقود إلى العمل على قطع الطريق أمام الحزب الإصلاحي الإخواني في تحقيق مبتغاه في السيطرة على الحكومة اليمنية ، وإبقاءها في زاوية ضيقة بعيداً عن الانفتاح على كافة المكونات الفاعلة على الأرض اليمنية والفاعلة في مواجهة المشروع الإيراني الحوثي .
مابعد السقوط المدوي للجماعة الإخوانية في مصر والسقوط الشعبي لهذه الجماعة في دول عربية عديدة وأصبحت فرص عودة هذه الجماعة إلى المشهد السياسي وإلى السلطة أمر في غاية الصعوبة بخاصة في ظل ما تواجهه الجماعة من رفض شعبي ، نجد أن الأنظار التركية والقطرية اتجهت إلى الملف اليمتي لأمرين الأول هو العمل على مناكفة السعودية من البوابة اليمنية في ظل الخسائر التي تعيشها قطر وتركيا وتحاول توظيف الأزمة اليمنية للتعويض عن هذه الخسارة ، والأمر الأخر هو الاستفادة من الوجود الإخواني داخل الحكومة الشرعية اليمنية للعمل على اختراق الشرعية اليمنية وتعزيز الانقسام فيها بما يخدم أجندتها السياسية الهادفة لتثبيت الوجود الإخواني .
وبالتالي فإن السؤال الأكثر أهمية هو ( من يقف خلف عرقلة إتفاق الرياض ) لاشك أن الإجابة على هذا السؤال هو مرتبط بشكل كبير ليس بالداخل اليمني فقط وإنما يرتبط بالتأثيرات الإقليمية وأقصد هنا ( تركيا وقطر ) التي ترى من مصلحتها الاستمرارية في حالة الانقسام داخل الحكومة اليمنية لأن ذلك يوفر لهذه الدولتين فرصة لاختراق الحكومة الشرعية اليمنية عبر حزب الإصلاح الإخواني ، والأمر الأخر خلق أزمات جانبية تساهم في خدمة الإرهاب الحوثي وإعطاءه فرصة للخروج من حالة الإنهاك النفسي التي يعيشها وحالة الشلل التي يعيشها على الأرض اليمنية في محاولة من هذه الدولتين لاستنزاف التحالف العربي .
الحالة اليمنية تفرض سرعة العمل على تنفيذ ( إتفاق الرياض ) لأن هذا الإتفاق لا يرتبط فقط بمواجهة الإرهاب الحوثي ، وإنما يقطع الطريق اما التدخلات الخارجية ( من قبل القطريين والاتراك ) والهادفة لتوظيف الملف اليمني في سياسة المناكفة التي تنتهجها اتجاه السعودية والتي تحاول من خلالها قطر وتركيا إجهاض المرحلة المهمة في تاريخ العمل العربي المشترك ( وهي عاصفة الحزم ) والتي ساهمت في نقل العمل العربي المشترك من حالة الجمود وخطاب التنديد والاستنكار لأن يكون العمل العربي أكثر فاعلية على الأرض العربية
عرقلة ( إتفاق الرياض ) السبب الرئيسي خلف ذلك هو حالة الترهل داخل الحكومة الشرعية اليمنية والتي تتجه نحو الاستسلام لحالة الانقسام ، وترفض التجديد والتغيير ، وهو ما نشاهده من تحركات داخل الشرعية اليمنية لا تخدم المصلحة اليمنية العليا ، في ظل وجود مسؤولين محسبين على الشرعية يتحركون خارج سرب الشرعية اليمنية ، ومحاولة البعض خلق أزمات جانبية باتجاه الحشد ضد الجنوبيين بدلا من الحشد باتجاه صنعاء ، وأيضا تحركات أخرى لشرعنة الوجود التركي في الملف اليمني ، وكل هذه تحركات تهدف للقفز على إتفاق الرياض وإجهاضه ، وهو ما يفرض حالة تطهير وإعادة هيكلة للشرعية اليمنية والتخلص من الوجوه التي تقود أزمات وصراعات جانبية ، والتي بدأ واضحاً أن أهدافها لا تتطابق مع الأهداف العليا في مواجهة الإرهاب الحوثي بقدر ما تتجه نحو رمي طوق النجاة للإرهاب الحوثي عبر محاولة تشتيت الجهود وخلق أعداء وهميين وبخاصة ‘تجاه أبناء الجنوب .
إن الحفاظ على الإنجازات والمكتسبات التي تحققت في سبيل دحر الإرهاب الحوثي ، يتطلب من الحكومة الشرعية اليمنية أن تعيد توجيه بوصلتها باتجاه المسار الصحيح وهو ( أبواب صنعاء ) بدلاً من حالة التشتت والإنقسام ومحاولات حرف البوصلة باتجاه ( عدن ) وذلك لا يتحقق إلا عبر إعادة هيكلة الشرعية اليمنية والعمل على تطهيرها ممن يمكن تسميته ( بالطابور الخامس وهم الإخوان تجار الحروب والأزمات ، والذي يعمل وجوده داخل الشرعية اليمنية على تمهيد المحاولات الخارجية التركية والقطرية الهادفة لاختراق الشرعية وتعزيز الانقسام فيها.
ليفانت – خالد الزعتر