الصحفي الأردني عمر المحارمة مدير تحرير صحيفة الدستور الأردنية يكتب عن الجنوب
احيانا تدفعك معرفة جديدة لمراجعة قناعات ومباديء قديمة.
انا في الجنوب العربي-عدن منذ الجمعة الماضية، في رحلة ترددت كثيرا قبل مباشرتها بسبب الصورة النمطية عن الاحوال في المنطقة، لكن الآن وبعد خمسة أيام في الجنوب العربي لا ابالغ ان قلت انني في أمتع رحلات حياتي، اولا من حيث القيمة المعرفية وزخم المعلومات الجديدة التي حصلت عليها هنا، وثانيا من حيث دفء الاستقبال وكرم الضيافة، وثالثا لأنني وللمرة الأولى أذهب لتغطية حدث او قضية فأشعر أنها باتت جزءا مني وأنني بت جزءا منها.
في الجنوب العربي قضية كبيرة لشعب عاش الظلم والتهميش وسلب المقدرات لسنوات طويلة لأنه إنساق يوما خلف حلم العرب بالوحدة فأنجز وحدته مع اليمن قبل أن تدرك قواه الاجتماعية والفكرية والسياسية أن بلدهم توحدت بالعاطفة دون وضع قواعد متينة تجعلهم شركاء في الدولة الواحدة، فتعرضوا لكل انواع القمع والظلم وسلب الموارد وزرع بذور الفتنة، والقضاء على كل منجزاتهم الحضرية، وعندما حاولوا استعادة حقهم تعرضوا لعملية قمع ذهب ضحيتها عشرات الاف الشهداء.
يعتقد البعض -وانا كنت منهم- ان اليمن في عام ١٩٩٠ عادت دولة واحدة كما كانت في عقود او قرون سابقة، لكنني اكتشفت ان اليمن اقليم جغرافي كالمغرب العربي او بلاد الشام لكنه يختلف عنهما أنه لم يكن تاريخيا ولا في اي فترة دولة واحدة وانما كان ينقسم الى الشمال حيث كانت دولة الامامة قبل اعلان الجمهورية العربية اليمنية ومشيخات وسلاطين في الجنوب قبل ان تتوحد عام ١٩٦٢ تحت اسم جمهورية اليمن الديموقراطي التي كانت واحدة من النماذج التقدمية التي تأثرت بضعف وسقوط الاتخاد السوفيتي.
الجنوب العربي هي التسمية التي يفضلها الناس هنا ويشيرون الى الشمال باعتباره جار شقيق ويريدون استعادة دولتهم التي كان التعليم والصحة فيها مجانيان، والتي كانت منارة ثقافية وفكرية وشعب بلا أميه بينما كانت نسب الامية تفوق نسب من يقرأ في غالبية الدول العربية الأخرى.
باختصار ولكثير من الاسباب التي سمعتها اجد نفسي مع استقلال الجنوب- استقلال وليس انفصال- واستعادة حقه في دولته وتقرير مصيره، رغم انني لم اكن اتخيل يوما انني سادعم اي فكرة لتجزئة المجزء من عالمنا العربي.
هذه راي وموقف في عجالة ولنا معه وقفة اكثر تفصيلا لاحقا.
#عدن
#الجنوب_العربي