رامي الردفاني يكتب.. مؤتمرُ الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين .. امال كبيرة بإعادة وهج الصحافة والإعلام الجنوبي

 

 

كتب : رامي الردفاني 

 

إن الصحافة الورقية في الجنوب عامة والعاصمة عدن خاصة في موت سريري وانقراض تام رغم أن ما يعرف عن العاصمة عدن والجنوب أنها رائدة الصحافة والإعلام في شبه الجزيرة العربية، خاصة منذ الأزمنة الماضية وذلك ، بصدور عدد كبير من الصحف المقروءة الذي يتكون عددها حوالي أكثر من 45 صحيفة، بين صحيفة يومية وأسبوعية ونصف شهرية وشهرية، ومنها صحف أهلية مستقلة وصحف حزبية ونقابية، فضلاً عن الصحف التابعة للسلطة الاستعمارية البريطانية آن ذاك ، ومن أهم هذه الصحف هي صحف "الأيام، والطريق، والقلم العدني، وإيدن كرونكل، والرقيب، واليقظة، والنهضة والجندي، والصباح، والزمان"، وغيرها وأول تلك الصحف المطبوعة هي صحيفة "فتاة الجزيرة"، إلا أن ذلك الزخم الماضي لصحف الورقية في الجنوب والعاصمة عدن لا يشفع لها بالبقاء وتصدر المشهد في الوسط الصحفي الجنوبي وذلك لعدد من العوامل، ومن أهم تلك العوامل التسلُّط الفكري والقيود السياسية الذي فرضه الاحتلال اليمني على الإعلام الجنوبي وإن كانت هناك بعد طرد الاحتلال اليمني من أجزاء واسعة من أرض الجنوب في وقتنا الراهن معه تم نفض غبار الهيمنة الذي مارسه الاحتلال اليمني على المجال الإعلامي في الجنوب خلال 33 عاماً ولذلك عاد الأمل لزخم الإعلامي الجنوبي بإنشاء وظهور صحف جنوبية إلكترونية وورقية وقناة إخبارية وإذاعات ومجلات ، إلا أن الصحافة الورقية بمعناها المُتعارف عليه تعتبر إرثاً تاريخياً في الحقل الإعلامي الجنوبي منذ القرون الماضية في حقبة الأربعينيات.

 

ونحن في صدد انعقاد مؤتمر الصحفيين الجنوبيين الذي سوف ينعقد في ال17 من يناير من هذا الشهر للعام 2023م ، لنا نحن كصحفيين جنوبيين آمال كبيرة متعلقة ببناء كيان مؤسسي يحمينا ويسترد لنا الحقوق المسلوبة في حقبة الاحتلال اليمني الذي فيه حرّم الصحفي الجنوبي لأبسط حقوقه وأيضاً يعيد للصحافة الجنوبية رونقها وتاريخها الناصع ومنها الصحف المطبوعة وذلك في تذليل الصعوبات وإعادة روحها إلى الواجهة مرة أخرى وجعلها الصحافة الوليدة على أسس راسخة وقواعد متينة، وجعلها كأحد متطلّبات المرحلة لسدِّ الفراغ العريض الذي أعقب غياب الصحافة الجنوبية في حقبة الاحتلال اليمني، التي حرم الشارع الجنوبي ، في محاولة لإبراز المشهد الحقيقي لأحداث دول العالم في مواجهة الآلة الإعلامية الجنوبية في تلك الفترة الحساسة والمفصلية، وكان طبيعياً أن تترنّح في منتصف الطريق وتفشل في مجابهة التحديات والمعوقات مجاراة نسق التطورات في الساحة الإعلامية الحديثة.

 

 

وفي الموتمر الأول للصحفيين الجنوبيين تعقد الآمال بأنه تبنّى سياسات واستراتيجيات واضحة وواعية من قبل القيادات الجنوبية للنهوض بالصحافة والإعلام الجنوبي ووضع اللّبنات الأساسية لـ"منظومة إعلامية متكاملة" وذلك في صياغة قوانين الإعلام، الحديث والمتطوّر في تكوين المؤسسات المختصة ، مثل سلطة الصحافة الورقية التي غُيّبت تماماً، لكون المؤسسات الإعلامية الأهلية تعاني من أزمة الرؤية والتخطيط والتنظيم، وقلة الكوادر المؤهلة، وغياب البنية التحتية، وضعف الميزانيات.

 

كما تمرُّ الصحافة الورقية في الجنوب بأزمة خانقة على صعيد الصحافة المطبوعة، وذلك لظروف وعوامل حرمتها من البقاء والاستمرارية منها تدهور الأوضاع في البلاد عقب الاحتلال اليمني في عام 90م، واجتياحه الثاني للجنوب للعام 2014م لتخلّف معه آثاراً كارثية على كافة المناحي منها ارتفاع أسعار طباعة الصحف لتصل أرقاماً قياسية بسبب التضخُّم المالي في العملة المحلية مقابل الدولار .

 

وحيث جعل هذا الوضع الاقتصادي الخانق ، وفي ظلِّ ممانعة الحكومة اليمنية التي يهيمن عليها قوى الاحتلال اليمني ممثلة بحزب الإخوان بمنع دعم الصحافة الورقية في الجنوب ، مما أجبر حوالي عشرات الصحف على التوقُّف عن الصدور والطباعة، بينما أغلقت أخرى بقرار من السلطات. كما أجبر الوضع المادي الصعب والمضايقات والاستهداف الممنهج عدداً من الصحفيين والناشطين الجنوبيين المتمرّسين في المهنة الصحفية على الفرار بجلدهم إلى الخارج أو هجر المهنة والبحث عن فرص عمل أفضل وذلك بسبب طبيعة العمل المرهقة والقاسية.