حزب الإصلاح الإخواني... تعقيد الأزمة اليمنية بمساندة تركية
يبدو أنّ تركيا تسعى إلى إشعال الأزمة اليمنية أكثر، عبر الدفع بحليفها حزب "الإصلاح" الإخواني ليثير المشاكل داخل المجتمع اليمني، فمؤخراً قامت الناشطة توكل كرمان القيادية الإخوانية والحاصلة على الجنسية التركية، بالدعوة إلى تشكيل قيادة عسكرية موحدة تقف ضد التحالف العربي.
فقد استضافت إسطنبول مؤتمراً بعنوان "يمن ما بعد الحرب.. رؤية استشرافية"، وفَّرت له قطر تمويلاً كبيراً، عبر مؤسسة توكل كرمان، وفق تقارير صحفية؛ حيث دعت كرمان في كلمتها الافتتاحية، بحضور قيادات إخوانية من مختلف البلدان العربية، إلى القيام بثورة جديدة ضد ما وصفته "ارتهان الشرعية للوصاية الخارجية"، وهاجمت القيادية الإخوانية، المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات النخبة وقوات طارق عفاش، واتهمت الجميع بالارتهان لقيادة التحالف العربي، متجاهلة الحديث عن الجرائم التي ارتكبها الحوثيون منذ بداية الحرب، وتلك الأخيرة في الجوف اليمنية عندما قاموا بتنفيذ إعدامات بحق المدنيين، وتصفية الجرحى وتنفيذ اعتقالات طالت الأطباء والموظفين، ومداهمة المنازل في مدينة الحزم مركز محافظة الجوف، شمال شرقي البلاد.
تركيا تستخدم الاخوان
إنّ هذا التحول الإخواني ضد التحالف العربي سببه رغبة تركيا في الوجود العسكري باليمن للسيطرة على باب المندب بشقَّيه؛ خصوصاً أنّ وجود تركيا العسكري في الصومال سيسهِّل عليها تلك المهمة، لكن التحالف العربي يعيق أردوغان عن تحقيق أغراضه في الجانب اليمني، لهذا لجأت تركيا لحزب الإصلاح اليمني (الإخواني) ليقوم بدور مهاجمة التحالف العربي في اليمن، مع ملاحظة أنّ هذه الحملات جاءت بعد التقارب التركي – الإيراني؛ حيث تصاعد الخطاب المعادي للتحالف العربي من جانب حزب الإصلاح الإخواني في الآونة الأخيرة ومن المحتمل تطوير المهاجمة من عداء خطابي إلى عداء عسكري، ويتحول حزب الإصلاح ليكون مخلباً تركياً في هذا المخطط.
وحسب موقع "أحوال تركية" فإنّ "توجيهات صدرت لعدد من القيادات السياسية اليمنية المحسوبة على جماعة الإخوان لإشهار ورقة التقارب مع الحوثيين، بهدف ابتزاز التحالف العربي"، ومن المتوقع أن تقوم بعض قيادات حزب الإصلاح بمطالبة تركيا بالتدخل في اليمن؛ في سيناريو يشبه السيناريو الليبي؛ وهو أمر قد يقدم عليه أردوغان الطامح أصلاً إلى فرض سيطرته على مضيق باب المندب وإقامة قاعدة تركية في اليمن ضمن محاولاته للسيطرة على القرن الأفريقي.
العلاقة بين إخوان اليمن وتركيا
إنّ علاقة تركيا بالإخوان اليمنيين أو أي من فصائل تنظيم الجماعة في أي بلد، تثبت أنّهم يعملون دائماً ضد المصالح الوطنية، ولمن يدفع أكثر، ويعد حزب "الإصلاح" من أبرز النماذج على ذلك، وتمتد هذه العلاقة لأعوام ما قبل الربيع العربي، فكلاهما متصل بفكر الإخوان، ويمثل له هوية وذاتاً، يجعلهم متحدين في مصير واحد حتّم عليهم العمل لخدمة أهدافهم المشتركة.
فمنذ مرحلة مبكرة من "الربيع العربي" قامت تركيا (أردوغان) بتهريب كميات من الأسلحة إلى اليمن وإلى العناصر المتطرفة سواء من القاعدة أو من داعش أو إلى الإخوان المسلمين، كما وفرت ملاذاً آمناً للكثير من رموز التشدد من إخوان اليمن والمطلوبين أمنيا على خلفية قضايا سياسية، مثل منفذي تفجير مسجد دار الرئاسة الذي استهدف الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأركان حكمه في العام 2011، إضافة إلى استقبال شخصيات مدرجة على قوائم الإرهاب الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية، وبعض القيادات اليمنية المثيرة للجدل على خلفية علاقتها بجبهة النصرة والجماعات المسلحة في سوريا، كما قامت بإمداد حزب "الإصلاح" بالسلاح وبالتدريب عليه.
ورصدت صحيفة "العرب" اللندنية، في تقارير سابقة، مؤشرات تزايد النشاط التركي في اليمن من خلال تدفق عملاء الاستخبارات التركية، عبر منافذ محافظة المهرة (أقصى شرق اليمن) تحت غطاء هيئة الإغاثة الإنسانية، إلى بعض المحافظات اليمنية المحررة، وتأجيج الخطاب السياسي والإعلامي المعادي للتحالف العربي بقيادة السعودية من خلال قنوات إعلامية تبث من مدينة إسطنبول التركية التي تحولت إلى وجهة مفضلة لدى الكثير من القيادات السياسية والإعلامية اليمنية المنتمية إلى حزب الإصلاح.
وفي ظل الأزمة الخليجية والمقاطعة التي تعيشها قطر، اتجهت أنظار حزب "الإصلاح" إلى تركيا؛ حيث أصبحت إسطنبول وبتمويل قطري مركزاً لعقد اجتماعات سرية لإخوان اليمن. مع شخصيات ايرانية تمهيداً لإنحياز الإخوان اليمنيين للحوثيين وتخلّيهم عن التحالف العربي.
وكانت تقارير إعلامية سابقة نشرتها "العرب" كشفت عن استقبال أنقرة لقيادات حوثية في أعقاب التقارب مع طهران، كما سمحت السلطات التركية لأول مرة قبل عام تقريباً بتنظيم مظاهرات مؤيدة للحوثيين في عدد من المدن التركية، في مؤشر على التحول الهائل في مواقف أنقرة التي كانت تعلن رسمياً عن دعمها للحكومة الشرعية.
وسجلّ الإخوان المسلمون في اليمن مليء بمثل هذه السلوكيات، وتحالفات حزب الجماعة لا تثبت على حال ويتحرّكون وفق أجندات خاصة حتى لو كانت على حساب الوطن اليمني، ففي الثلاثاء 2 كانون الأول (ديسمبر) 2014 اجتمع حزب التجمع اليمني للإصلاح مع الحوثيين مما شكّل صدمة للشارع اليمني، حسب ما أكدته "بي بي سي" عربي، وكان اليمنيون في حالة من عدم التصديق مع ظهور أخبار اللقاء الأول الذي جرى في صعدة بين الطرفين، وذلك على اعتبار أنّ الجماعتين هما على طرفي النقيض من حيث الأيديولوجيا (الإصلاح يمثل التيار السني والحوثيون يمثلون التيار الشيعي).
وفي أيلول (سبتمبر) العام 2017؛ نشر موقع "الأمناء نت"، وشبكة "تحديث" الإخبارية، كيف أنّ حزب "الإصلاح" يسلم أسلحته للحوثيين، وأنّ الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قرّر إقالة محمد علي المقدشي، المنتمي لـ"حزب الإخوان" لأنّه، آنذاك، "يتواطأ مع ميليشيا الانقلاب، ويسرّب لهم معلومات سرية وخطيرة، ويرفع إحداثيات لاستهداف الجيش الوطني والمقاومة في مأرب، ويؤخر الحسم العسكري بالمحافظة، كما يهرّب كميات كبيرة من الذخائر والعتاد العسكري إلى صفوفهم".
وقد أعلنت قوات التحالف، يوم 22 أيلول (سبتمبر) العام 2017، بالفعل، ضبط عدد من شحنات السلاح المهربة، التي كانت في طريقها من محافظة مأرب إلى الانقلابيين في محافظة صنعاء، بدلالة ظهور القيادي الانقلابي، محمد علي الحوثي، وسط صنعاء، على متن مدرعات قدّمت تعزيزاً لجبهات القتال في محافظة مأرب، التي تدار من قبل قيادات تنتمي لحزب الإخوان. هذه المدرعة وأسلحة أخرى رصدتتها شبكة (CNN) الأمريكية في تقرير لها، وحذّرت من أنّ أسلحة أمريكية تصل إلى طهران عن طريق الحوثي.
كما ذكرت قناة سكاي نيوز في 18 أيلول (سبتمبر) 2018 أنّ الوحدات العسكرية التابعة لحزب الإصلاح الإخواني والتي أوقفت القتال منذ عدة أشهر على هذه الجبهة تركت مواقعها للحوثيين، وحسب مصادر للقناة فهذه ليست المرة الأولى التي يسلم فيها مسلحو الحزب مواقع للحوثيين؛ إذ سلّم في مطلع شهر حزيران (يونيو) الماضي مواقع إستراتيجية مهمة في جبهة قانية باليمن.
إنّ انتهازية حزب الإصلاح وتناقضاته تعد السبب الرئيسي لخلط الأوراق وتفكك الجبهات وتعطيل حل الأزمة اليمنية، وهو يشكل أحد أكبر العوائق أمام حسم التحالف العربي الحرب ضد الحوثيين، واليوم قد يجر اليمن إلى مزيد من التفكك والصراع يدفع الشعب اليمني ثمنه، بينما قادة حزب الإصلاح ينعمون في تركيا.